الأربعاء، 28 مايو 2014

إنها ثورة وليست انقلاب


إنها ثورة وليست انقلاب
** شغلتني هذه القضية (ثورة أم انقلاب) وجعلتني أبحث بين القراءات العلمية والتدوينات  والآراء الشخصية المقنعة والغير مقنعة وقد توصلت الى الآتي :
** ظهر مصطلح (الانقلاب) وهو فرنسي coup d'État في القرن السابع عشر للإشارة إلى الإجراءات المفاجئة والعنيفة التي كان يتخذها الملك ، دون احترام للقانون أو العادات الأخلاقية، للتخلص من أعدائه، وكان يلجأ لها للحفاظ على مصالحه وأمن الدولة
** ثم  توسع مفهوم (الانقلاب) في القرن التاسع عشر فأصبح يدل على أعمال العنف التي ترتكبها أحد مكونات الدولة ، على سبيل المثال، القوات المسلحة، من أجل عزل رئيس الدولة ،  فرض هذا المصطلح نفسه، و تم تمييزه عن مصطلح (ثورة) بأنها عمل منظم بشكل رئيسي من قبل مدنيين لا نفوذ لهم في هياكل الدولة، أما الانقلاب فهو يعتمد على المفاجأة بالاستيلاء على الحكم من قبل جماعة لهم نفوذ في هيكل الدولة ( ليسوا من عامة الشعب ) على أن يتم ذلك بدون مقدمات وانذارات وتحذيرات .
** وبتطبيق هذه المعلومات على أحداث30 يونيو يتضح بدون شك أن ثورة 30يونيو كانت ثورة حقيقية نموذجية  للأسباب الآتية :
1) أنها لم تكن أحداث مفاجئة بل أنها بدأت منذ 30 يونيو 2012 أي منذ تولى الرئيس مرسي الحكم ، فمنذ ذلك اليوم بدأت كحشود ووقفات احتجاجية من الآلاف من عامة الشعب ومن جميع طوائف الشعب ، تزداد أعدادها يوما بعد يوم ، وصاحب هذه الحشود حركة تمرد التي جمعت أكثر من 22 مليون توقيع تطالب بعزل مرسي .
2) اتفقت الملايين من كثير من طوائف الشعب  عبر صفحات التواصل الاجتماعي على ان يكون 30/6/2013 هو ثورة لانهاء حكم مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ولم يكن ذلك مفاجئا بل كان على مرأى ومسمع رئيس الدولة ، وكل مواطن بالدولة ، وكل شعوب العالم  .
3) وصلت الثورة الى ذروتها في يوم30/6/2013 واحتشدت الملايين من عامة الشعب يطالبون بعزل الرئيس مرسي واجراء انتخابات رئاسية جديدة .
4) لم يستجب الرئيس لهذه المطالب رغم أنها أصبحت شرعية لأنها صدرت من الملايين من جميع المحافظات والمدن والقرى .
5) وفي 3/7/2013 واستجابة لثورة الملايين وحرصا على استقرار البلاد وخوفا من المصادمات العنيفة  صدر بيان الجيش والأزهر والكنيسة وبعض الأحزاب السياسية في مصر بعزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتولي عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية حكم البلاد لفترة مؤقتة.
6) أيد الجيش الشعب لانهاء حالة الفوضى التي عمت البلاد منذ ثورة 25يناير2011 ، وساد الشعور بالاطمئنان وأمل جديد في حكومة جديدة قوية تقضي على الفوضى والانقسامات الحادة التي لا تبشر بخير .
7) وبعد أيام من ثورة الملايين والتي كانت من قوتها حجب كل التظاهرات المضادة ، وبعد أن هدأت الثورة عندما أيدها الجيش حدث أن اعتصم آلاف من المؤيدين لمرسي والمعارضين للثورة وكان ذلك في ميدان رابعة العدوية في القاهرة وطالت مدة اعتصامهم لأكثر من شهر ، ولم يتخذ الجيش أو الشرطة أي اجراء عنف تجاههم ، وازداد عددهم مما جعل الوضع يزداد حدة ، وأصبحت كثير من المصالح والهيئات معطلة وأصبحت البلاد مهددة وغير آمنة وازدادت حالات السرقة والنهب، واحتمالات حرب أهلية بين المؤيدين والمعارضين وكأنها حرب بين المؤمنين والكفار
8) تم توجيه التحذيرات والإنذارات للمعتصمين من قبل الشرطة والقوات المسلحة  ولكن دون جدوى مما اضطر الجيش تحت قيادة السيسي أخذ تفويض من عامة الشعب لفض هذه الاعتصامات، وهبت الملايين يوم26/7/2013 أمام كاميرات العالم كله  لتفويض السيسي لفض الاعتصامات ولانهاء حالة الفوضى التي كانت على وشك ان تصيب البلد
9) تم فض الاعتصامات بالقوة وكان ضحيتها العديد من الشباب الذين خدعوهم قادتهم بالاستمرار أمام نيران الشرطة والجيش وأوهموهم وكأنهم في حرب مقدسة.
10) استثمر المعارضين لثورة 30 يونيو حادثة فض الاعتصامات بالقوة والعنف الاضطراري بالترويج لموقفهم مستخدمين شعار (رابعة)  للتهديد بالانتقام من  السلطة الحاكمة ومن ملايين الثوار الذين كانوا سببا في نجاح ثورتهم .
11) وتحت هذا الشعار نمت الرغبة في الانتقام وبدأت أفعال ارهابية عنيفة موجهة الى ملايين الشعب بكل طوائفه باعتباره سبب هذا التغيير ، وأصبح كل المصريين مهددين بهذه الافعال الارهابية .
12) استمر المعارضين للثورة  (من جماعة الاخوان وغيرهم) في الترويج بأن أحداث 30 /6 ليست ثورة وانما انقلاب ، وكان ذلك تحقيرا واستخفافا واتهاما لملايين الثوار الذين خرجوا قي 30/6 وما قبلها وكأنهم مثل الدواب الذي قادهم السيسي المنقلب  لكي يقتنص البلاد ويفوز بالبلاد كأنها فريسة يريد التهامها .
13) وقد كان هذا التضليل السافر والساذج من قبل المعارضين (الاخوان والربعاوية وغيرهم) سببا في تمسك المصريين بحكم الجيش الذي لم يضللهم والذي حمى البلاد من الفوضى، وقد كان من الممكن أن يظل في ثكناته ويترك الأمور الى حيث تسير ، لذلك استشعر الشعب شجاعة السيسي وقوته وازداد التأييد الشعبي له لاكمال مسيرته نحو تحقيق الأمن والاستقرار .
14) وظل هذا التأييد في ازدياد واضح رغم تدني الحالة الاقتصادية وارتفاع الأسعار بسبب تعويم الجنيه المصري وبسبب انهاك قوة البلاد في حروب ضد الارهاب وهي من أصعب الحروب التي واجهتها مصر لأن العدو فيها غير واضح، وهي حروب حتمية لمواجهة عدو لا تفيد معه الحكمة ولا الموعظة وما شابه ذلك. 
15) لم يستغل السيسي التأييد الشعبي له في الانصراف عن المشروعات التي بدأها، وظل يحارب في عدة جبهات : جبهة  التطرف وجبهة الفساد، حيث تم هدم  آلاف كثيرة من الأبنية المخالفة، وازالة كثير من العشوائيات السكنية والتجارية، والقيام بمبادرات شجاعة في مشروعات كبيرة .
** وبعد الاستطراد في  سرد الاحداث كما فهمتها وكما وصلتني، لا أعتقد أن هذه الثورة انقلاب، بل أنها ثورة حقيقية لابد أن تدرس وقائعها التي بدأت منذ 30/6/2012 الى 30/6/2013 على أن يكون ذلك بموضوعية  العلماء والعقلاء الذين يفكرون بحرية بدون التأثر بميول وجدانية .    


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق