مذكراتي الشخصية عن هواية الموسيقى

مذكراتي الشخصية عن هواية الموسيقى

ـــــــــــــــــ

** مارست العديد من الهوايات ، مثل الكتابة والرسم ، وتأتي الموسيقى في مرتبة تالية  لأن مهارتي لم تصل الى المستوى المرغوب في الموسيقى ، واعترف بأنني لست متفوقا  في عزف الموسيقي  ولكني كنت شغوفا ومحبا للموسيقى بجميع أشكالها  ، ومقتنعا بالمقولة التي تقول أن كل الفنون تأول الى موسيقى ، وأن الموسيقى من أكثر الفنون اتصالا بحياتنا اذا اعتبرنا أن الكلام العادي اليومي تزداد فاعليته باعتماده على نغمات  الحديث أو الالقاء .

** وقد يكون هذا الاقتناع هو سبب ممارستي للموسيقى والخوض والبحث فيها من أجل الاستعانة بها في مجالات الحياة العامة

** فقد بدأ اهتمامي بالموسيقى منذ بدء تفاعلي مع البيئة المحيطة عندما كنت اشاهد من البلكونة فرقة الصعايدة يرقصون بالعصا على صوت المزمار أو فرقة الموسيقى النحاسية المتجولة وقد كانت الموسيقى النحاسية تستهويني كثيرا في مرحلة الطفولة المبكرة .

** أذكر انني كنت محبا لسماع الأغاني من خلال الراديو الكبير الذي كنت أنظر الى اللمبات المضيئة بداخله باعجاب وكأنها أضواء للكائنات التي تتحدث بداخله .

** وفي المرحلة الابتدائية الاستاذ/ اسماعيل صديق وكان ملحنا بالاسكندرية وكان يقوم بتدريس الاناشيد والموسيقى بمدرستي ( النهضة النوبية ).

**كان هذا المدرس من أكثر المدرسين جدية في عمله وكان شديد التمسك بارتداء الطربوش والبدلة وكان يثق في أهمية مادته الدراسية ويعتبرها أنها لا تقل أهمية عن العربي والحساب ورغم أنه لم يعلمنا العزف على الالات إلا أنه كان يحفظنا الاناشيد الخاصة بكل مناسبة وكان يختبر تلاميذ الفصل باستمرار من حيث قدرتهم على الغناء معه على العود ويختار مجموعة صغيرة منهم  لعمل فريق كورال بالفصل ويعطيهم مزيد من الاهتمام ، وأتذكر أنني كنت أطرب كثيرا لسماع اللازمة الموسيقية على العود في أغنية ( مدرستي ماحلاها ).

** كان هذا المدرس يهتم بتعليم النوتة الموسيقية وبلغ شوطا كبيرا في تدريس النوتة والتدريب على قراءتها خلال الصف الخامس والسادس الابتدائي .

** وفي آخر العام الدراسي اتذكر انه كان يضم بعض الفصول لاجراء تنافس بينهم على الغناء الجيد وكذلك قراءة النوتة الموسيقية بالصولفيج الإيقاعي

** كان يتعامل مع التلاميذ بحزم شديد في الشرح والاختبار كما لو كانت التربية الموسيقية مادة نجاح ورسوب .

** دفعني هذا المدرس الى الاهتمام بالموسيقى ومذاكرتها رغم عدم وجود آلة موسيقية وعدم احتمال موافقة والدي على شراء آلة موسيقية  للتدريب عليها .

** كنت أنظرالى العود الذي يحمله هذا المدرس وكأنه شيئا مسحورا له قيمة كبيرة وكنت لا أملك إلا التمني بالحصول على عود ، والتدريب عليه  .

** كان هذا المدرس بعد قيامه بعمله في الشرح والتدريب يبدأ في عزف بعض الجمل الموسيقية ويدونها بالاوراق باللغة الموسيقية ، وعلمت  أنه كان يلحن ويكتب ألحانه حتى لا ينساها.

** واستطعت بذلك أن أفهم معنى التلحين وعرفت ان الاغنية لكي تخرج الى الناس يجب أن يكون لها مؤلف وملحن وعازف ومغني وانها ليست عملا بسيطا ارتجاليا كما يعتقد البعض .

** وفي هذه المرحلة الابتدائية في الستينات  نشأ حبي وتذوقي  للموسيقى والأغاني ووجدت نفسي أطرب لسماع أغاني عبد الحليم في ذلك الوقت ومنها ضي القناديل – على حسب وداد قلبي – الهوا هوايا – حبك نار  واطرب لسماع أم كلثوم في أغانيها الجديدة في هذه الفترة .

** ومن الطبيعي  أنني لم افهم جيدا معاني الكلمات ولكني كنت أستمتع  بالغناء والالحان  والفواصل الموسيقية التي كنت انتظرها بين أجزاء الأغنية .

** واتذكر أنني كنت أقف طويلا أمام اراديو لتدوينها في ورقة ولم يكن ذلك لاعجابي بالكلمات ولكن لأجل تسهيل حفظ الاغنية  ومن هذه الاغاني أغنية فكروني .

** أتذكر أيضا ترقبي لكلمات اغنية امل حياتني  في جريدة الأهرام  قبل أن تتغنى بها ام كلثوم  في حفلة بالتليفزيون ، واتساءل ياترى كيف سيكون لحن هذه الاغنية وتنبأت أن يكون مطلع الاغنية هو نفس المطلع تقريبا  الذي بدأه عبد الوهاب .

** اتذكر تجمع الأقارب عندنا في ليلة حفل ام كلثوم  وسهرهم معنا يوم الخميس حتى ساعات متأخرة من الليل .

** كنت أجد الكبار ينسجمون من الأغنية في أول يوم اذاعتها ، أما أنا فكنت لا أطرب للأغنية في أول يوم اذاعتها  ولكني كنت أفرح في ذلك اليوم لتجمع الأقارب عندنا  وكنت أشعر باحساس ( الفسحة ) حيث أجد تغير في النمطية اليومية .

** وعندما عرفت معنى التلحين كنت أحضر مجموعة من الطبول أو العلب الفارغة مختلفة الاحجام  لتأليف قطعة موسيقية ايقاعية منغمة تبعا لاختلاف أقطار العلب .

وأحيانا كنت أحضرصندوق من الخشب ( حصالة خشبية ) وأشد عليها أوتارا من الاستيك أو الخيط واحاول العزف عليها مقلدا مدرس الموسيقى أثناء عزفه على العود .

** وفي هذه المرحلة وفي الأيام السابقة لحفل زواج عمي كنا نقضي الليالي في البيت في الطبل والغناء ، وكنت المشجع الأول لهذه ( الهيصة ) رغم أنني لم أكن حافظا جيدا للأغاني الشعبية  التي تتردد في هذه الفترة .

كنت أبدأ فقط  بهذه الاحتفالات واحث الحاضرين على الغناء ومساعدتهم  بالطبل بواسطة الطبلة أو الكرسي .

** ومن الأغاني التي أحببتها بشدة اغنية ( الهي ما أعظمك ) لنجاة الصغيرة كانت تذاع في التليفزيون يوم الجمعة

** وفي المرحلة الاعدادية لم يكن بالمدرسة مدرس موسيقى ولم أمارس بها نشاط موسيقي ولكنني أعجبت كثيرا بأخصائي اجتماعي اسمه الاستاذ / قدري كان يحرص يوميا على تشغيل اسطوانات الشيخ محمد رفعت في الصباح ، وتشغيل اسطوانات أم كلثوم في فترة الفسحة وخاصة أغنية فكروني وأمل حياتي ، والاغنيتان حتى هذه اللحظة تذكرني بالفسحة في مدرسة النهضة النوبية الاعدادية حيث كنت أتخذ جانبا من الفناء لأسمع هذه الاغاني مع تناول السندوتش ، وكثيرا ما كنت أفضل الجلوس بمفردي، ولا أهتم بالنشاط الرياضي ودوري الفصول الذي كان يقام في الفسحة ، وعندما أصاحب زميل من المدرسة في الفسحة كان ذلك على سبيل المجاملة فقط حتى لا يقال عني أنني منطوي

** وأذكر أنني في هذه الفترة المرحلة الاعدادية  ذهبت مع ابن عمتي الى نادي الأولمبي الرياضي لكي يجري  اختبارا  للدخول في الفريق الرياضي  ... في هذا اليوم  لم انتبه إلى أي شيء عن الاختبارات الرياضية لأنني لا أميل الى ممارسة الرياضة البدنية .

** لذلك انتهزت الفرصة للاختلاء مع نفسي بكافتريا النادي وجلست على احدى الكراسي البامبو بالحديقة اتابع بنظري وفكري كل من حولي وأكثر ما اتذكره في هذا اليوم  استمتاعي الشديد بموسيقى جميلة كانت مذاعة من خلال اسطوانة وعرفت فيما بعد انها موسيقى (بنت البلد) لمحمد عبد الوهاب .

** وأصبحت هذه الموسيقى منذ ذلك الوقت تذكرني بهذا الموقف والكرسي البامبو وتناول الشاي والجو الجميل ، وكذلك كثير من الأغاني كل منها ترتبط بموقف معين أتذكره عند سماعها بل أن الروائح أيضا كثيرا ما ترتبط بالمواقف التي تحملها الذاكرة .  

** وفي المرحلة الثانوية بدأت رغبتي في تعلم الموسيقى وخاصة عندما تعرفت على زميل ( محمد عطية ) يعزف أغاني كثيرة بواسطة مشط شعر يغطيه بالورق بطريقة معينة.

** وعندما أرشدني والدي الى الذهاب الى قصر ثقافة الحرية توجهت الى قسم الموسيقى حيث تعلمت به عزف بعض المقطوعات على البيانو أو على الاكورديون والتأكيد على معلومات النوتة الموسيقية التي تعلمتها في المرحلة الابتدائية

** مع نهاية المرحلة المدرسية وبداية هذه المرحلة ( الجامعية )  اكتشفت أن لي القدرة على النقر بالاصابع كلها  للحصول على ايقاعات مختلفة ومضبوطة  وسريعة وكنت بأصابعي الخمسة أستطيع أن أقلد العديد من الايقاعات .

** وفي السنة الأولى بالكلية بكفر الشيخ تعرفت على زميل ( شحاتة أنطون ) يعزف عود بالمدينة الجامعية وصممت أنني لابد من تعلم العود بعد انتهاء هذه السنة الدراسية .

** و في صيف 1975 وبعد انتهاء مرحلة كفر الشيخ  أتى والدي من عند أقاربي وأخبرني بأن عندهم جيتار قديم لا أحد يستعمله وطلب مني الذهاب اليهم لأخذ الجيتار .

** فنزلت مسرعا ليلا  للذهاب اليهم  وأخذت الجيتار وكنت مترددا لأنني لم استأذن صاحبته  ولكي أبرر موقفي أمام نفسي  قلت في نفسي أنني  سوف أغير له الاوتار المقطوعة واتعلم عليه  بقيمة هذه الاوتار ثم أعيده اليها مرة أخرى .

** بدأت التعلم عليه بواسطة مدرس موسيقى بقصر الثقافة ( فؤاد شعبان ) وقد كان هذا المدرس متخصص في العود لذلك تعلمت منه العزف الميلودي الذي يشبه العزف على العود ، ولم أتعلم منه العزف الهارموني ( الكوردات ) الذي يميز آلة الجيتار .

**  ونجحت في حفظ مقطوعات كثيرة واكتشفت معلومات كثيرة كنت أجهلها و أن الموسيقى بحرها واسع وأنها ليست سهلة في تعلمها ، وأن التدريب يؤدي الوصول الى مستوى عال يصعب توقعه.

** ولاحظت أنني أتطور في العزف السماعي ، وبعدما كنت لا أستطيع التفرقة بين نغمتين بعيدتين استطعت أن أميز بين نغمتين بينهما اقل من ربع تون , وأستطعت ضبط الأوتار جيدا وازداد مستوى العزف  يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر .

** لم أتعلم العزف على الجيتار بسهولة وبسرعة بل كنت كثيرا ما أقضي الساعات الطويلة لكي أحفظ جملة واحدة أو جملتين لغرض التدريب فقط  وكنت أمتلك صبرا واصرارا شديدا على ضرورة  التعلم

** وعندما تقدمت في مهارة العزف أصبح الجيتار خير صديق – وأقضي معه الكثير من الأوقات وأنسى وحدتي وأنا في رفقته .

** وبعد سنتين من بداية تعلم الجيتار اشتريت جيتار جديد خاص بي ، وعلمت أختي الصغرى عزف بعض المقطوعات على الاورج الذي اشتريته لها بمالي الخاص الذي كنت اتقاضاة من العمل الموسمي بمزرعة الكلية.

** كان الجيتار خير صديق فهو ينسيني جميع المتاعب مثل انتظار صديق لم يأت في ميعاده ، أو بعد العودة من امتحان صعب بالكلية ، أو حدوث مشكلة بالمنزل .

** وحاولت الانضمام الى فرقة الانشاد الديني مع حمدي رؤوف ولكني  مللت من أول بروفة عندما لاحظت أنني سوف أكون مثل الآلة التي يحركها الآخرين .

** أصبحت الموسيقى أمام أصدقائي علامة مميزة لشخصيتي وكثيرا ما كانوا يسمونني (علاء جيتار) وكان للموسيقى فضلا في اتساع دائرة الأصدقاء ، ووجدت بعضهم يميلون الى استماع بعض أغاني سيد درويش عندما أغنيها مع العزف

** واصبحت الموسيقى مجالا للحديث الممتع والمفيد مع الاصدقاء ذوي نفس الاهتمام وكنا نتبادل معا الخبرات والمعلومات عن الموسيقى ومقاماتها وايقاعاتها

** وكثيرا ما كنا نخرج من قصر الثقافة ومعنا آلاتنا الموسيقية التي نتعلم عليها  فنتوجه الى حديقة من الحدائق ( محطة مصر أو الشلالات ) نستعيد ما تعلمناه  ونتدرب عليه  ونعزف جماعيا في الحديقة وكنا نلاحظ اعجابا من بعض زوار الحديقة .

** وأحيانا كنا نتوجه الى حفلة موسيقية لسماع موسيقى كلاسيك أو غناء اوبرالي أو شرقي ومعظم الحفلات كانت مجانية 
** واحيانا نستمع بقصر ثقافة الحرية للاستاذ / فكري بطرس - مؤرخ موسيقي - كان يقدم لنا أغاني قديمة عن طريق الكاسيت وأحيانا عن طريق الجراموفون الذي يعمل بالزمبلك بدون كهرباء .  
**واحيانا نذهب الى المركز الثقافي الالماني ( جوتة ) لسماع محاضرة للاستاذ / حسام الدين زكريا عن الموسيقى الكلاسيكية مع  الاستماع الى مقطوعات موسيقية عالمية عن طريق اسطوانات فائقة الجودة .

** لم يكن مستوى العزف جيدا لدرجة الاشتراك في فرقة موسيقية لكنه كان كافيا للاستمتاع بالعزف والغناء منفردا أو مع صحبة قليلة من الاصدقاء.

** علمت أن أحد زملاء الموسيقى لا يجيد العزف ولا يجيد الفهم للموسيقى ، وبالرغم من ذلك استطاع أن يلتحق بفرقة من فرق الأفراح ،  وعلمت أن دوره بالفرقة ( كمالة عدد ) حيث  يتظاهر فيها بعزف الكمان مقابل جنيه في الحفلة .

** كان مبلغ جنيه في السبعينات يبدو كثيرا فأنا أعمل بالمزرعة صيفا بيومية تقل عن نصف جنيه ، حاولت تقليده من أجل الحصول على المال واشتريت كمان وبدأت أوجه اهتمامي لتعلمها الكمان ، ربما يكون بواسطتها أن ارتزق منها مثل صاحبي وبدون مجهود وبدون عناء في التدريب  .

** ولكن بعد فترة قليلة من شراء الكمان والتعلم عليها ، وبعد أن راجعت نفسي على فكرة ( كمالة العدد ) ، كرهت هذه الفكرة ، ولم أقبل أن أحصل على مال مقابل أن أكون عددا واعتبرت أن ذلك نوع من الغش ، وتعمدت أن أسرع في بيع الكمان بثمن زهيد جدا حتى أتخلص من هذه الفكرة .

** لم يكن تعلم الكمان بصعوبة لأنني اعتدت على آلة الجيتار ، ولكنني لم أرغب في الاستمرار في تعلمها اقتناعا بأن هذه الآلة يناسبها شخص ذو ثبات انفعالي الى حد كبير ، بحيث يكون رقيقا معها طول الوقت ، وهذا الثبات غير متوفر في شخصيتي فانا سريع التأثر بالتغيرات المحيطة مما يؤدي الى حدوث اضطراب أثناء العزف في كثير من الأحوال ، وكنت أجد أن الجيتار أكثر ملائمة لشخصيتي

** ورغم تفوق بعض الزملاء عني بالعزف في بداية تعلمي للموسيقى كان مدرس الموسيقى يكرر أمام زملائي " ان علاء فنان حتى ولو ماعزفش كويس " .

** وفي قصر الثقافة اشتركت في العزف الجماعي في بعض الحفلات ، وفي حفلة بخارج القصر بنادي الجمارك بمحطة الرمل قدمنا فقرتنا بدون مدرس الموسيقى الخاص بنا ، لأنه كان مريضا بالمستشفى ، وتم تقديم فقراتنا وكانت موسيقى النهر الخالد ، وانت عمري .

 وبعد الحفلة ذهبنا اليه بالمستشفى للاطمئنان عليه وكان ذلك بموقف اجتماعي مؤثر ، وأذكر اننا عندما دخلنا الى غرفته ولم نجده اصطدمنا لذلك ، وعلمنا بعد ذلك أنه تم نقله الى غرفة أخرى .

** ومن أهم ما تعلمته من الموسيقى اكتساب معلومات كثيرة بالاضافة الى الاعتياد على الصبر والاصرار بالاضافة الى الى كثير من الاجتماعيات وأساليب التعامل مع الآخرين .

** و في بداية السنة الثانية بكلية الزراعة اشتركت في أسرة القناة التي كانت تضم كثير من الطلاب من محافظات القناة المهاجرين الى الاسكندرية أثناء حرب 1967.

** وفي هذه الفترة وصلت الى درجة من الثبات النسبي في مستوى العزف و استطعت أن أعزف عزفا منفردا لمقطوعة اسمها ( السعادة ) في حفلة بالكلية لقيت اعجابا شديد رغم أنني لم أكن على رضا تام بالعزف وكنت أشعر أنني لم أتقن العزف للدرجة التي تستحق هذا الاعجاب والتصفيق .

** في هذا اليوم شعرت بأنني لم انجح في العزف وانما نجحت في امتحان عسير هو مواجهة الجمهور والتغلب على الخجل والتردد الذي كنت أعاني منه .

** ولم تكن لي الموهبة الخالصة في العزف ولكن كانت لدي رغبة في تعلم الموسيقى لاعتبارها من أحب الفنون وكنت مقتنعا أن  الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي وحدت بين الشعوب وهي اللغة الوحيدة التي تم اتفاق جميع المجتمعات على طريقة واحدة في تدوينها

**وفي سنوات الكلية كنت أهتم بأغاني عبد الحليم حافظ الجديدة فاتت جنبنا ، قارئة الفنجان ، أي دمعة حزن لا ، موعود ، وكنا نحرص على السهر أمام التليفزيون في حفلة عيد الربيع ، وكنت أهتم أيضا بالفقرات ما قبل عبد الحليم وهي مونولوجات لبلبة وأحمد غانم وغيرهم .

**  ورغم حبي لأغاني عبد الحليم حافظ إلا أنني كنت متعاطفا مع فريد الاطرش عندما تم تقديم حفلته ليلة شم النسيم مما أثار غضب عبد الحليم حافظ ، واتذكر أغنية سنة وسنتين لفريد الأطرش واعجابي بها في هذه الحفلة .

** وفي هذه الفترة أيضا كانت لوردة الجزائرية شعبية كثيرة ، وكنت أستمتع بمقاطع معينة من أغانيها ، ولكنني كنت أفضل أغانيها القديمة اسأل دموع عيني ، روحي وروحك ، لعبة الأيام .

** أما عن اغنيات أم كلثوم فكنت أستمتع بأغنية هجرتك التي كانت تذاع بالكافيتريا كثيرا فمازلت هذه الاغنية تذكرني بكافتريا الكلية كما أن أغنية فكروني وأمل حياتي تذكرني بالفسحة في المدرسة الاعدادية .

** من رحلات الكلية كانت رحلة الى أبو قير ، وأذكر أن أحد الزملاء من فرقة السمسمية كانوا ضمن الرحلة وخلال هذه الرحلة كنت أحاول العزف على السمسمية بعد أن تعرفت منهم على طريقة العزف عليها .

** ورحلة أخرى كانت الى شاطئ العجمي وأذكر انها كانت يوم وفاة عبد الحليم حافظ وكانت الفنانة نادية لطفي بمنطقة العجمي تستعد للذهاب الى القاهرة لحضور جنازة عبد الحليم حافظ

** تعلمت من هواياتي المتعددة أن للوقت اهمية كبرى وانعكس ذلك على سلوكي العام فكنت أحرص دائما على استخدام الساعة ولا أحاول اضاعة الوقت حتى في النوم .

** كنت أعتبر النوم اذا لم يؤدي وظيفته في تجديد النشاط فهو يشبه الموت  يجب أن يطرح من حياة الانسان

** تعلمت من اصدقاء المرسم والموسيقى الالتزام بمبادئ محددة وأهداف واضحة واعتقد أن هذا الالتزام هو حصن الانسان ضد  الانجراف وراء التيارات  الفكرية المتطرفة .

** وعندما سافرت للعمل بالعراق تعرفت على زميل عراقي كان لديه جيتار لم يستطع التعلم عليه وعندما اطلعني على الجيتار الذي اشتراه من يوغسلافيا فوجدته ناقصا في الاوتار وماكينة الشد تحتاج الى تغيير فوعدته بأن اشتري له الاشياء الناقصة من الجيتار من بغداد عندما أذهب يوما ما.

** وحدث ذلك أن ذهبت الى بغداد واشتريت له ماكينة الشد وقمت بتركيبها وتركيب الأوتار وضبطها وأعطيت المدرس الدروس الأولى في الموسيقى  ثم ترك الجيتار معي في حيازتي اقوم بالعزف عليه أوقات الفراغ واحفظ الأغاني العراقية عليه والنشيد القومي لكي أقوم بعزفه في طابور المدرسة واستعنت بالنوت الموسيقية ودليل معلم التربية الموسيقية ، وقمت بتحفيظ البنات بعض الأغاني ،كما كنت أيضا اقوم بتحفيظ الأولاد في مدرسة البنين الابتدائية المجاورة بدون مقابل كما لو كنت مدرس موسيقى .

**وكان قدوتي هو الاستاذ / اسماعيل صديق - رحمه الله – مدرس الموسيقى بالمرحلة الابتدائية بمدرسة النهضة النوبية بالاسكندرية ، وكنت احفظهم بعض الأغاني التي حفظتها في طفولتي مع تغيير بعض الكلمات لكي تكون قريبة من لهجتهم

** وكان يسعدني كثيرا أثناء تجوالي مع الاستاذ حسن بالقرية أن الأطفال يقولون لي أهلا استاذ علاء ويرددون الأغاني التي كنت أحفظها لهم ، وفي أحد المرات قال لي الاستاذ حسن أن الاولاد  يرحبون بك ويتجاهلوني 

**  ورغم أن وظيفتي كانت مدرس علوم الا أن البعض بالقرى المجاورة كان يظن أنني معلم موسيقى  حتى لاحظت يوما أن طالبة بمدرسة في مدينة الشطرة تقول لها أن أحد المدرسين قال لهم أن بقرية آل حسن مدرس موسيقى .

** ولاحظت ذات مرة أن أحد الطلاب طلب مني صورة شخصية وعلقها في بيته

** لاحظت أن أهل القرية وأبنائهم على درجة كبيرة من تذوق الموسيقى والأغاني ، ومنهم من كان يصحح لي عزف بعض الأغاني التي تحتاج الى ربع تون والتي لا يمكن عزفها جيدا على الجيتار

** ومن آراءهم حول بعض الأغاني أن فلان يصيح ولا يغني، أن فلان يغني من زوره، أن فلان يغني من أنفه، آراء بسيطة ولكنها كانت تدل على احساس فطري جيد وتذوق جيد  .

** وعندما اقترب موعد حفلة بمناسبة وطنية اقترح علي الاستاذ حسن بأن يؤلف لي ويجمع لي مجموعة من الأشعار لكي أقوم بتلحينها وتحفيظها للطلاب في المدرسة الابتدائية  للبنين  لكي يغنوها في  الحفلة القادمة

** وافقته وأنا غير مطمئن لهذه الفكرة وأخذت هذه الفكرة على أنها مجرد محاولة او تدريب على التلحين ، وجدته  فعلا جاد في كلامه وفي اليوم التالي أحضر لي مجموعة من الأشعار بعضها من تأليفها والآخر مختارة من بعض الاناشيد نظمنا سويا هذا الاشعار، وحزفنا ما حزفناه لكي تناسب اللحن والموضوع وعملنا ما يشبه الاوبريت الغنائي تحت عنوان الحب للجميع  ويقوم بغنائه أربعة افراد والمجموعة

وكل من الأربعة افراد يمثل فئة من فئات الشعب وهي الفلاح ، العامل ، الجندي   ، الطالب

الفلاح : الحقل الأخضر صنع يدي وأنا فلاح يابلدي ، فلاح يابلد النور استيقظ قبل العصفور وأرش ترابك من تعبي فرحخا وسنابل كالذهب

العامل : بأيدينا صنعنا المعجزات بنينا الرائعات الباقيات رفعنا ألف سارية وسد على النيل العظيم على الفرات

الجندي : أنا جندي لهذا الوطن أفديه بأغلى الثمن ، لا أهاب الموت مهما عصفت بالبرايا نكبات الزمن

الطالب : على طريق معهدي أمشي  أنا يمشي غدى يمشي معي المستقبل وفي طريقي المشعل

وفي كل مرة  ترد المجموعة النور للجميع الحب للجميع من زهرة بعينها لا يصنع الربيع

حفظت التلاميذ هذا الاوبريت وأناشيد أخرى وطنية وحاز هذا العمل اعجاب الكثيرين

** أما المدرسة المتوسطة التي  كنت أعمل بها فإنني في هذه السنة  لم أشترك  في حفلاتها لانها كلها تحتوي على بنات طالبات ترغبن في غناء أغاني تخصهم 

** انتشرت أخبار حفلتنا ووجدت أطفال القرية يرددون مقاطع من الأوبريت.

** وفي احدى الحفلات بالمدرسة المجاورة  قمت كالمعتاد بعزف السلام الجمهوري والنشيد القومي والعزف أثناء غناء بعض الأغاني الخاصة بالصغار وتم تقديم مسرحية بها

** بعد الانتهاء من كل برنامج الحفل طلب الحاضرين أن أغني لهم فقلت لهم انني لا أحفظ أغاني  لهذه المناسبة الوطنية وعندما أصروا غنيت لهم أغنية ( أول مرة ) لعبد الحليم وانا أعزف على الجيتار واتجول بين الحاضرين واندمجت في الغناء وكأني أغني في غرفتي وبعد الانتهاء صفق لي الحاضرين

** وبعد هذه الاغنية تشجع الكثيرين للغناء ولالقاء الشعر وكأنه برنامج جديد غير البرنامج الذي أعددناه، وكانت الحفلة ناجحة بفضل سيطرة الاستاذ حسن على النظام لما يتمتع به من شخصية قوية.

** ولكن في السنة الثانية بالعراق دعاني زملائي المصريين أن أسكن معهم بدلا من السكن بالقرية ، ومع الحاحهم وافقت على ذلك ، وفي هذه السنة حدث أن اصبت بكسر في الأصبع الأوسط بيدي اليسرى،  ورغم التئام الكسر إلا أنني شعرت أن مرونة أصابع يدي اليسرى لابد وأن تكون تأثرت نتيجة هذا الكسر ولم أحاول العزف على الاطلاق ورضيت بهذا الحال .

** وعندما رجعت الى مصر واستلمت العمل بمدرسة القباري مدرس تربية زراعية  ولم يكن بالمدرسة مدرس موسيقى فقمت بشراء أورج كهربائي صغير ياباني جيد ، وقمت بتدريب الطالبات على عزف الموسيقى ، السلام الجمهوري وأغاني وطنية وكان ذلك بالاستعانة بتوجيه التربية الموسيقية الذي كان يشجعني على ذلك لما وجده من استعداد وقدرة على ذلك

** وكان بالمدرسة اكسيلوفونات ولكنها كانت غير سليمة فامتنعت عن استخدامها واكتفيت بالأورج الخاص بي ، ونقلت عهدة آلات موسيقية ايقاعية من مدارس أخرى حتى كونت درامز صغير لكي  يكتمل الفريق الموسيقى ولم أنس التربية الزراعية قدمتها طيلة شهر رمضان بالمدرسة

** وكانت الفوازير لها مقدمة ملحنة كلماتها : يلا بينا نسمع أحلى الفوازير ، فوازيرنا حكايات ( أما حكايات ! ) ،  بيقولها النبات ( بيقولها النيات ؟) فوازينا حكايات بيقولها النبات كل حكاية فيها معلومات ، والمفروض دلوقتي نعرف اسم النبات

ونظرا لأن اللحن كان بسيطا استطعت أن أكتب النوتة الموسيقية الخاصة به .

** واعجبت الطالبات باللحن لدرجة انهم كانوا يرددونه في أوقات كثيرة .

** وخلال شهر رمضان كنت أحضر الى المدرسة مبكرا لتدريب الطالبات على الفزورة الجديدة التي يقومون بالقائها أو غنائها .

** وساهمت بحفلة بها مسرحية خاصة بالمدرسة الصباحية  ، وضعت لها الموسيقى التصويرية التي اعجبت أحد الموجهين ، وبعد انتهاء الحفلة أعطتني مديرة المدرسة الصباحية مبلغ من المال

** وفي حفلة أخرى للمدرسة الصباحية ساهمت في النشاط الرياضي بها  وعندما طلبت مني المديرة تحديد المبلغ المقابل ، قلت لها انني مش عايز فلوس ، عايزك بس تصلحي الطبلات الخاصة بالفترة المسائية ، وحدث ذلك ، ولم أحصل على مقابل لنفسي . 

** كما ساعدت احدى الطالبات بمدرستي ( المسائية ) للاشتراك في مسابقة خاصة بتوجيه التربية الموسيقية واستلمت لها أكورديون من مدرسة أخرى بضمانتي وأعطيتها الاكورديون لكي تتدرب عليه في بيتها ، وحصلت الطالبة على شهادة تقدير ، ولشديد الاسف أن مدير المدرسة عند تسليم الطالبة شهادتها لم يخبرني بذلك ولم يبدي لي أي كلمة شكر رغم انني ساهمت أكبر مساهمة لها بأنني استلمت لها اكورديون بضمانتي بالاضافة الى أنني كنت أشرف عليها في التدريب بالاستعانة مع توجيه التربية الموسيقية .

** ومن الطالبات التي كنت أقوم بتعليمها بعض الأغاني طالبة اسمها خلود شقت طريقها فيما بعد في الغناء باسم شاهنده . 

** وعلى اثر النشاط الموسيقي بالمدرسة طلب مني تدريب أطفال حضانة مسجد سيدي القباري وذلك باستعمال الاكسيلوفون مقابل أجر بسيط وكان هذا هو اول أجر اتقاضاه عن الموسيقى في الحضانات .

** وبعد حوالي تسع سنوات من انقطاعي عن عزف الجيتار وفي أحد الأيام سنة 1990 كنت بمفردي بالمنزل – تشجعت هذه المرة وامسكت بالجيتار المركون بحجرة الصالون والذي لم المسه منذ تسع سنوات ، حاولت العزف عليه فوجدت نفسي قادرا وأن أصابعي قادرة على العزف بشكل طبيعي فرحت فرحا شديدا  وانتهت بذلك العقدة  التي كانت تمنعني من العزف على الآلات الوترية بل كانت تمنعني عن الانضمام الى زملائي القدامى  في مجال الموسيقى .

** ارتفعت معنوياتي في مجال الموسيقى وبدات اراجع الكتب التي درستها وركنتها كثيرا .وبدأت في شراء عود امارس العزف عليه وخاصة لأنني كنت اتعامل مع الجيتار بطريقة العود 

** وفي احد أيام الصيف قابلت واحدة من زميلات الموسيقى بقصر الثقافة ، وعرضت علي الذهاب الى الشبان االمسيحيين فقد تكون لي فرصة عمل بالموسيقى.

** وفي نادي الشبان المسيحيين  قمت بتدريب الأطفال الصغار ( البراعم ) على الاغاني التي كنت أحفظها لطالبات المدرسة بلا مقابل وكان شخص آخر/ مجدي يقوم بتدريب الأطفال الأكبر سنا (النشء)

** وفي العام التالي طلب مني مسئول النادي والنشاط الصيفي بالشبان المسيحيين أن أقدم برنامج مقترح في مجال الموسيقى فاخترت ان يكون البرنامج بعنوان حواديت وأغاني  ، ولم يقصد بكلمة حواديت الحدوتة المعروفة  بل كنت أقصد أنها أي حديث مع الاطفال قد يكون الحديث عن الألوان المختلفة ، وقد يكون الأحاديث عن أنواع الغذاء المختلفة ، الفرق بين النبات والحيوان ...... الخ

** أعجبتهم الفكرة وطلبوا مني تحديد الأجر فتركت لهم هذا الموضوع وفقا لامكانياتهم.

** أظهرت نجاحا في تعليم الأطفال ( البراعم) لعدد كبير من الأغاني مع العزف على الاكسيلوفون الذي لم يكن غيره من الآلات متوفرا إلا أورج لا يعمل بطريقة جيدة ويقوم باستعماله مدرب النشء ( الاستاذ مجدي )

** تكرر ذهابي لسنوات متتالية الى النادي الصيفي بالشبان المسيحيين وبعد أربعة سنوات تقريبا انتهى العمل نتيجة انتدابي صيفا  في امتحانات الثانوية العامة .

** وبعد عزمي الانتقال من مدرسة القباري وادارة غرب الى ادارة المنتزة ، سلمت عهدة الموسيقى لأمينة التوريدات التي كانت مترددة في استلامها بعض الشيء مما سبب لي بعض القلق من تعطيل نقلي  .   

** وفي ادارة المنتزة قضيت سنة ونصف بالتدريس للبنين ساهمت قليلا في الموسيقى بعزف السلام الجمهورية وبعض الاغاني الوطنية في المناسبات الى جانب التزامي التام بعملي في التربية الزراعية

** وعندما عملت بتوجيه التربية والزراعية واهتمامي بالمعارض كنت أحرص على أن يكون المعرض به موسيقى خفيفة مناسبة

** وفي معرض احدى المدارس كانت تقدم بعض الصناعات الريفية فاجأت الحاضرين بأنني عزفت على آلة البانفلوت الصغيرة البلاستيكية أغنية يا حضرة العمدة ، لدرجة أنهم ظنوا أنني أعزف على الناي .

** وعندما علمت الاستاذة منى سلامة مديرة مدرسة طلعت حرب بأنني أعزف هذه الأغنية طلبت مني الحضور في حفلة معاش احد المدرسين لغناء هذه الاغنية مع اغنية (حلوين من يومنا) لسيد مكاوي وغيرها من الاغاني التي يمكن عزفها على البانفلوت حيث ان هذه الالة مقيدة بمقامات قليلة شرقية فقط ، وكررت لي هذا الطلب في أكثر من حفلة.

** وفي هذه الفترة أثناء العمل بمجال طيور وأسماك الزينة تعرفت على بعض ( الزبائن ) يعملون بالموسيقى ومنهم صابر رحيم الذي تعلمت منه بعض الاغاني البدوية ،
** وفي محل طيور الزينة قمت بتدريب بعض الأفراد وكان ذلك بمقابل زهيد ، ومنهم من أعطاني زجاجة ريحة مقابل تعليمه . ومنهم من التحق بموسيقى الجيش ، ومنهم من دخل كلية التربية النوعية وعمل مدرس موسيقى بمدرسة الاقبال ومنهم شاب كان يبيع لي البذور وجهته لتعليم الموسيقى ووصل الى درجة متقدمة في العزف على الأورج ، ومنهم من تعلم الجيتار وعمل في في فريق للأغاني الشبابية . 

** وعندما لاحظت أن آلة البانفلوت من أكثر الآلات التي استطعت العزف عليها بسهولة طلبت من أحد الاصدقاء بأمريكا شراء بانفلوت لي فأحضر لي آلة هارمونيكا ، تركتها بالمكتب أكثر من سنة لا استعملها ولا أحاول استعمالها الى أن تعرفت على عم زكريا درويش الذي كان يستطيع العزف عليها ، فتشجعت على تعلمها رغم صعوبتها واحتياجها الى طريقة خاصة تختلف كثيرا عن البانفلوت 

** تعلمت الهارمونيكا أيضا ووصلت لمستوى جيد فيها وأثناء عزفي في مدرسة أبيس الثانية عليها ظن أحد المتابعين ان بالمدرسة أكورديون .

** وأذكر أن أحد الأشخاص عندما وجدني أعزف موسيقى بالمحل فطلب مني أن أعلمه الجيتار، وافقته وطلبت منها احضار الجيتار ، وفي اليوم التالي وجدته يأتي ومعه الجيتار، ولاحظت أنه لم يصبر على تعلم السلم الموسيقي، ومما أثار دهشتي أنه جاء ببدلة وكأنه سوف يتعلم الجيتار سريعا ثم يخرج مباشرة للعزف مع فرقة، ويبدو أنه فوجئ بأن تعلم العزف ليس بالسهولة التي كان يعرفها .

** وأثناء العمل بمشروع رعاية الصبية بالكشافة البحرية حرصت ألا أترك وقتا حتى أملأه بالعمل فالى جانب الاشراف على الأعمال الزراعية كنت أعزف بآلة البانفلوت الصغيرة  العديد من الاغاني  ، وانبهر الاستاذ / أحمد الخطيب بذلك واسند الي ايضا النشاط الموسيقي لدرجة انه كان يسجل اسمي وبجواره (مشرف زراعة وموسيقى) .

** طلبت من جمعية الكشافة شراء أورج كهربي وبعض الآلات ، وحدث ذلك  وذهبت مع الاستاذ / شريف الأبيض في التسعينات لشراء أورج بمبلغ 3000 جنيه من محل دنيا الموسيقى بالعطارين .

وتم استضافة الاستاذ/ شريف الأبيض مرتين تقريبا للجلوس مع الصبية وتقييم امكانية تدريبهم ، ولاحظت أن الاستاذ /شريف يتطرق الى أمور بعيدة جدا وهي أقرب لطريقة التعامل مع طلاب في الكونسرفتوار فهو يفحص أيدي كل شخص لكي يحدد امكانية العزف على الآلات الوترية .

** وفي احد الايام وعندما حضر الاستاذ /شريف وجدني مندمج مع الصبية اعزف لهم وهم مستجيبين بشدة فقال لي ما معناه : ( مانت كويس ) .

** وبعد ذلك أسندوا لي تعليم الموسيقى وقديكون ذلك بسبب عدم تفرغ أ/ شريف لهذا العمل البسيط ، ثم بدأت المحاولة مع بعض الصبية لتعليمهم العزف ولكن الاستجابة كانت قليلة لأن ظروفهم كانت خاصة ، لأنهم  فئة تسربوا من التعليم وتفرغوا للعمل في الورش ولم يعد لديهم وقتا كافيا للتدريب .

** وعللت سبب الاستجابة الضعيفة منهم أن الفترة قليلة التي يتدربون فيها دقائق قليلة كل يوم أحد ، وأن النشاط الرياضي يستهويهم أكثر من الموسيقى ، فاقتنع الاستاذ/ أحمد  بأن أركز على العزف لهم وأكتفي بالسماح لهم بالغناء من أجل الترفيه .

** وارتفع صوت الموسيقى في مشروع الصبية وشاركت بالاورج في احتفالاتهم  وفي احتفالات أخرى خاصة بالتربية والتعليم في مدارس تابعة للاستاذ / أحمد الخطيب .

** واستمر عملي لمدة سنتين تقريبا ( زراعة وموسيقى ) ثم جاءوا بمدرب موسيقى ذو خبرة قليلة – وهو رجل -على المعاش- كان يعمل موظفا بشركة الحرير الصناعي -  ويبدو ان ترشيحه كان على سبيل المجاملة .

** لاحظت أن المدرب الجديد لا يعجبه تدخلي في عمله وخاصة بالعزف من أجل الترفيه والتسلية ، وكان يعلل ذلك بأنه يريد الحفاظ على الآلات حتى لا تتلف.

** وكان الكثيرين من الزملاء يعرفون ذلك ويعرفون أنه لا يستطيع عزف السلام الجمهوري ، ونظرا لكبر سنه فكان الجميع يحترمه ويتجنب غضبه .

** كثفت اهتمامي بالمجال الزراعي وتركت له الموسيقى تماما لكي يعلم بعض الصبية جملا موسيقية بسيطة ، ولكن الاستاذ/ أحمد الخطيب بفطنته وباسلوبه الهادئ كان يستدعيني للعزف في حفلات عيد الميلاد الشهرية ، وفي طابور الجمع ، لأنه كان يعرف جيدا ان مدرب الموسيقى لا يمكن الاعتماد عليه في ذلك  .

** وحافظت على علاقتي مع مدرب الموسيفى لكبر سنه ، وعن طريقه تعرفت على الاستاذ / محمد علي داود – وكان قائد فرقة سابق بقصر ثقافة الحرية – كان هذا الرجل على مستوى فني و اخلاقي جيد ، لا يحرج احدا مهما كان مستواه ، واتفقنا أن نقضي يوما من كل أسبوع (الاثنين) للتدريب على عزف مقطوعات موسيقية من التراث ، وكان هذا الرجل يركز على ضرورة تعلم النوتة الموسيقية ، ويكرر كثيرا ما معناه ان الموسيقي الذي لا يتعلم النوتة يعتبر مثل الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة .

** وأذكر أن آلة البانفلوت البلاستيكية الصغيرة كانت لها دور كبير في الرحلات الخاصة بالكشافة أو التربية والتعليم ، ويأتي بعدها الهارمونيكا التي تعلمتها مؤخرا

** ففي احد الرحلات وفي المناطق التي تحتاج الى احتياطات أمنية مثل المتحف المصري  كانت الهارمونيكا تحير أفراد الأمن أثناء التفتيش ، ولكي أوضح لهم حقيقتها لابد من النفخ عليها لسماع صوتها  ، فهي بالنسبة لهم آلة معدنية غريبة أكبر من الموبايل قد يظنها البعض قنبلة أو شحنة متفجرات .

** وفي اواخر التسعينات وفي أحد أيام العمل كموجه تربية زراعية بمدرسة جمال عبد الناصر وفي المشتل دار الحديث مع أ. محمود - مدير المدرسة الاعدادية المهنية وكان يعمل بتصوير الحفلات التابعة للادارة وغير الادارة وأوضحت له انني مارست عمل تدريب الموسيقى للأطفال في الشبان المسيحيين والكشافة وطلبت منه أن يبحث لي في الجهات التي يقوم بالتصوير فيها عن عمل آخر لتدريب الأطفال .

** وبعد مضي شهر على هذا الحديث اتصل بي الاستاذ /محمود  وأخبرني أن حضانة الهلال الأحمر  بباكوس يطلبون مدرس موسيقى، ذهبت الى الحضانة  وقابلت المديرة واخبرتني أن سيدة المانية تتبع جهة أجنبية معينة أهدت أورج كهربائي به امكانيات كبيرة وتريد التقاط صورة فوتوغرافية مع الأورج ومدرس الموسيقى والأطفال لكي تثبت وتوثق تبرعها بالصور  الصادقة .

** تشككت في موضوع تدريس الموسيقى ... وسألت عن مدرس الموسيقى بالحضانة فقالوا أنه كان بالحضانة مدرس وانتهى عمله نتيجة عدم وفاق بينه وبين مديرة الحضانة .

** وافقت على موضوع التصوير مع الأورج الجديد ومع الأطفال والسيدة الالمانية ... ولكن كعادتي .. أحب أن يكون كل شيء على مايرام وأن أضيف مقترحاتي ، ... فطلبت منهم أن يتركونني مع الأطفال لأعلمهم أغنية بسيطة وقصيرة ( ياقطتي ) على لحن little bird  واخترت هذه الاغنية واللحن لكي يكون واضحا أمام السيدة الالمانية ، وأوضحت لهم ان تحفيظ هذه الاغنية للأطفال وغنائها أثناء التصوير سوف يجعل للصورة أكثر واقعية ومصداقية وتوثيق جيد للتبرع . 

** وحدث ما طلبته ولاحظت أن السيدة الألمانية سعدت بهذا العمل  حيث أن الصورة الفوتوغرافية أصبحت تشمل الأورج والأطفال  في حالة اندماج مع الاغنية والموسيقى ومدرب الموسيقى يؤدي لهم اللحن على الأورج

** ثم و جدت مديرة الحضانة تطلب مني الحضور يوم معين للعرض على لجنة الاشراف للبت في موضوع تدريب الموسيقى .

** توقعت ان مهمتي انتهت بعد التصوير ... وخاصة بعد أن جاء يوم المقابلة مع لجنة الاشراف  حيث وجدت من المتقدمين للعمل بتدريب الموسيقى للأطفال سيدة تعرض مؤهلاتها وخبراتها وعلمت انها مؤهلة أكاديميا وتحمل شهادة عالية في الموسيقى – وعملت بتدريس الموسيقى في مدارس راقية ولها خبرات سابقة .

** أحسست ان الموضوع منتهي وانني لست إلا كمالة عدد وأن الرفض سيكون من نصيبي ، والأهم من ذلك أن لكونها سيدة سوف تحظى قبولا للقدرة على التعامل مع الأطفال .

** وجاء دوري للمقابلة .. وتحدثت عن نفسي  وامكانياتي للعزف على أكثر من آلة وقراءة النوت الموسيقية البسيطة وتحدثت عن الأغاني الاجنبية التي قمت بتعريبها بكلمات عربية اكثر عمقا من كلماتها الاجنبية مثل أغنية ba ba   وأوضحت لهم أنني أعمل موجها للتربية الزراعية

** وأدهشتني كلمة قالتها سيدات الأعمال بلجنة الاشراف ( اذن سوف يكون العمل غير معلن ) ، فهمت أن كلمة غير معلن كلمة دارجة وقلت في بالي الحمد لله عرفت حاجة جديدة .

** مضت الأيام ولاحظت أن الأمل قليل ... وعندما ذهبت للسؤال عن نتيجة المقابلة ، تعجبت المديرة لذلك وقالت لي ما معناه  ان تم قبولك للعمل مقابل 10 جنيه للحصة و أعتقدت انك عرفت ذلك من يوم المقابلة .

** بدأت عملي بتدريب الأطفال حصتين في الاسبوع وزادت الحصص أثناء الاعداد للحفلات بدار المسنين  او حفلات عيد الأم ، وألفت شعار الحضانة الأتي

لو سألوني مين بتحبه أكتر .... حنجاوب من غير مانفكر

حنقول طبعا بابا وماما وحضانتي الهلال الأحمر

فيها نعيش أحلى الأوقات ونغني ونقول حكايات

حكايات بتعلمنا حاجات دلوقتي ولما حنكبر

ثم اغنية الترحيب على لحن jingle bells

أهلا بيكم أهلا بيكم ياضيوفنا ياحلوين ندعي يارب تكونو ديما فرحانين

رشوا الورد رشوا الورد على كل الحاضرين رشوا الورد رشوا الورد ومعاه الياسمين

بالاضافة الى أغاني أخرى من تأليفي حازت اعجاب الكثير من المهتمين  مثل رفرف ياعصفور – ماء ياخروف  وللاطلاع عليها من خلال مدونة ( فنون علاء الدين ) .

** ومن ابتكاراتي للعمل بالحضانة ادخال الحواديت ضمن النشاط الموسيقي  وتحريك العرائس  ( كف وماريونيت  والماسك الكامل )

** وعلمت أن مكاني بالحضانة كان يشغله مدرس موسيقى منذ فترة اسمه بابا صلاح يحيى واقترحت أحدى المشرفات ان تقدمني للأطفال باسم ( بابا علاء ) ولكني رفضت وقلت ( عمو علاء )  أفضل ، لأن الطفل يجب أن يعلم أن الأبوة رباط قوي وخاص جدا يختص بالوالد فقط ، ولا يجب أن يحدث خلط عند الطفل .

** وعلمت ايضا أن المدرب الذي يليه لم يكن على نفس كفاءة بابا صلاح فقد كان سريع الغضب وكثير الأخطاء 

** أما وعن تعليقات بعض المشرفات عن شخصيتي فكانت انني أحيانا لا اقول السلام عليكم وابدأ في العمل مباشرة ، وانني لا أعرف أسماء الزميلات بالحضانة رغم استمراري معهن لمدة طويلة .

** ولم تكن هذه التعليقات غريبة ففي كثير من أماكن العمل كان الزملاء يقولون لي ما معناه انك طبعك غريب ، ومنهم من قال أنني أشبه الاجانب في معاملاتي  .

** وفي عام 2007 عند نقلي الى  مدرسة عبد الرحمن الفارسي الاعدادية للبنات حدث أن تم تكثيف الجهد لتدريب البنات على عديد من المقطوعات الموسيقية يتم عزفها على الاكسيلوفون في الطابور والاحتفالات السنوية .

** وفي احدى السنوات وأثناء تدريب طالبات الصف الأول على العزف لاحظت أنهم حافظين لبعض الأغاني من المرحلة الابتدائية ومنها اغنية حلاوة شمسنا قمت بتدريبهم عليها وتشجعت مدرسة التربية الرياضية  لكي تقوم بتدريبهم على رقصة هذه الاغنية وقدموها بنجاح في حفلة آخر العام . 

** وفي هذا العام أيضا قدمت فقرة فكاهية قلت فيها للطالبات ان سيد مكاوي لم يمت فهو مازال عايش وحيحضر حفلتنا وقدمت زميل لنا ( أحمد الظهري ) لكي يقوم بغناء ( حلوين من يومنا والله ) وصاحبته بالعزف على آلة البانفلوت البلاستيكية .

** وفي حفلة أخرى بالمدرسة  قمت بغناء فطومة بعد دبلجتها الى كلمات فكاهية غير خليعة ، ودبدوبة التخينة بالعزف على الأورج وسجلتها في اليوتيوب وعلى مدونة المدرسة 

** أما وعن آلة العود فكان الانتقال الطبيعي بعد الجيتار عندما وجدت أنني لا أعزف الكوردات على الجيتار وأن طريقة عزفي على الجيتار مشابهة الى حد كبير العزف على العود .

أما عن المندولين فهي آلة أحببتها لرقتها  ولم يكن عندي الوقت الكاف لتعلمها، وتركتها لابنتي لتتعلم عليها ، أما الاكسيلوفون كان لمدرسة القباري الفضل الكبير على تعلمه

** أما وعن عملي بالحضانات فقد اتسع في فترة مابين 2000 و2010 تقريبا لدرجة انني كنت اتنقل أحيانا الى ثلاثة حضانات في اليوم ، أحداها بالاورج والأخرى بالاكسيلوفون ، والأخرى بالأكورديون ، وأحيانا بالعود ، أو البيانو ،  وكنت أحيانا أعتمد على آلة خاص بي اتركها عندهم ، ومن هذه الحضانات ( فروتي – المجد -  الكمبيوتر – الصفا – كامبريدج- الرضوان – جدو سلام – الأوائل – امينة شكري - المرحون )

** وأذكر أنني أثناء فقرة عرائس الكف في حضانة فروتي حازت هذه الفقرة على اعجاب معدة برنامج العصافير كبرت في تليفزيون اسكندرية وطلبت مني تقديم هذا العمل في هذا البرنامج ، قلت لها انني لست  متخصص في مجال العرائس لكني ساقدم شيء آخر وهو فقرة زراعية .
** وحدث بالفعل أن قدمت فقرات زراعية  في عشر حلقات تقريبا ، كنت خلالها أختار الموضوع واقدمه بنفسي باسلوب الطرائف مستعينا بكتاباتي في كتاب حواديت نباتية الذي أهديته لمعدة البرامج .
**وعندما طلبت – بلطف - مقابل نقدي ، قالوا لي – بلطف أيضا -  يكفي انك بتجيب بناتك معاك وتطلعوا في التليفزيون ، وانتهى العمل  .

** وفي احدى حفلات الحضانة استعنت بأحد الأشخاص لكي يرتدي قناع الأرنب وعندما قلت له ازيك قال الحمد لله ، ثم قلت له انت اسمك ايه ، قال : الحمد لله ، وكان ذلك نتيجة عدم تركيز منه ، فاستثمرت هذا الخطأ لصالح الفقرة فقلت له اسمك الحمد لله ؟؟ فضحك جميع الأطفال ، ثم قلت : يعني ابوك اسمه شكرا ، ومامتك اسمها أهلا وسهلا ، فازداد  الضحك ... 
**وحدثت مواقف كثيرة مشابهة ، وأدركت أن الارتجال له أهمية كبيرة ، وأن الموقف أمام الجمهور يبعث على الابتكار أكثر من الاعتماد على التأليف على المكتب . 

 ** وأذكر في حفلة أخرى قدمت فقرة كنت أستعين فيها بثلاثة أقنعة شريرة يرتديها ثلاثة أطفال ، وثلاثة أقنعة أخرى بريئة يرتديها نفس الأطفال ولكن بخلف الرأس ، وتبدأ الفقرة السحرية بأن يدخل الأطفال بظهورهم فتبدو الأقنعة البريئة الجميلة ( قط - ميكي ماوس  - باربي )  أمام جمهور الأطفال ، ثم يتم اخفاء الثلاثة أطفال بملاية لمدة ثواني ، وبعدها ترفع الملاية بعد أن يستدير الأطفال للوضع الأمامي بالوجوه الشريرة فتحدث المفاجأة ، فيضحك بعض الاطفال ، والبعض الآخر- من الأطفال الصغار -  يصيبهم الذعر والخوف ، والأغرب من ذلك أن من الثلاثة أطفال القائمين بهذه اللعبة خاف من زملائه عندما شاهدهم بهذه الوجوه المرعبة  .

**  هذه الفقرة رغم ابتكاريتها إلا أنني علمت بعد ذلك أنها غير ملائمة للاطفال الصغار ، واعتبرتها خطأ لابد من عدم تكراره مع أطفال الحضانة  .

** و في حضانة تابعة لجمعية الهلال الأحمر بكرموز وفي عام 2001 تم افتتاح مرحلة تطوير للمركز الذي يضم عيادات طبية والحضانة التي أعمل بها وكان الافتتاح بحضور المحافظ / عبد السلام المحجوب، ولهذه المناسبة ألفت أغنية ترحيب من كلماتها: أهلا أهلا بابا محجوب حبك في قلوبنا مكتوب، حققت أحلامنا الجميلة اللي كانت مستحيلة واسكندرية في سنين قليلة ترجع عروسة ف أحلى توب، من غير كلام من غير كتابة خليت قلوبنا تقول يابابا ودا عشان كلك طيابة ودخلت ياما كتير قلوب، واستخدمت في هذه الاغنية لحن BOLA BOLA  

** ورغم جهدي الكبير في عمل البروفات والاستعدادات للحفلة إلا أنني فوجئت عند محاسبتي بمبلغ قليل لا يتجاوز ثمانية حصص في الشهر رغم أن البروفات كانت تستدعي ضعف عدد الحصص المقررة في الشهر .

** وعلمت بعد ذلك أن السبب أحقاد مستترة من موظف الحسابات ، وعلمت أن له مواقف متشابهة مع بعض العاملين ، ويبدو أنه كان يستكثر العشرة جنيهات في الحصة .

** أما حضانة الهلال الأحمر بباكوس  فقضيت بها أطول مدة وحتى كتابة هذه المذكرات ،وأذكر أن مديرة الحضانة الجديدة طلبت مني كثيرا أن أحفظ الأطفال الأغاني الوطنية ، وكثيرا ما قلت لها أن أغنية حضانة الهلال الأحمر تعتبر انسب أغنية وطنية للأطفال .

** وكان ذلك بناء على الاقتناع بأن الطفل لابد وأن تتطور انتمائيته ووطنيته التطور الطبيعي  من انتمائية للأم ثم للأسرة ثم للبيت وبعد اكتمال نضجه يأتي الانتماء للوطن والانتماء الى الانسانية .

** كما أنني عرضت عليها لأكثر من مرة خطة حفلة وضعتها كاملة من أول كلمات الافتتاح واغنية بسم الله ثم اغنية شعار الحضانة ثم الاغاني التي حفظها الأطفال ، وتشمل وبها فقرات العرائس المتحركة التي تقدم أفكارا تربوية مدروسة باتقان ، وقدمت لها هذه الخطة مكتوبة بالكمبيوتر 
**ولكنها لم تبدي الاهتمام المناسب ولا اهتمام بحفلات عيد الميلاد الشهرية التي يجتمع فيها جميع الفصول في الصالة الكبيرة وغناء ما تم حفظه من الأغاني وترديد أغنية عيد الميلاد باللغة العربية سنة حلوة ياجميل . 

** ورغم ذلك عزمت على الاستمرار في هذا المكان بسبب حبي للتعامل مع الأطفال بتلقائيهم وبرائتهم ولو لفترة قليلة في الاسبوع.

** وفي احد المرات جاءتني مكالمة من مركز تدريب الفتيات بمنطقة الشلالات من أجل قيامي بتدريب معلمات الحضانات على كيفية تدريس الموسيقى ، تعجبت لذلك وظننت في بادئ الأمر أنني كنت مدعو كمتدرب لما علموا أنني أقوم بتدريب الأطفال بحضانة الهلال الأحمر .

قبلت ذلك واستعددت كعادتي بكتابة موضوع التدريب بما فيه من محاضرة نظرية وتدريبات عملية وكانت هذه الكلمات :

(( قبل أن نتناول معنى التربية الموسيقية لنعلم ما هي الموسيقى ، وأن لغة الموسيقى لا تحتوي على سبعة نغمات فقط المعروفة لدينا وهي ( دو رى مي فا صول لا سي ) بل أعداد  لا نهائية من النغمات تختلف تبعا لدرجة ترددها ، ولكن السبعة نغمات المعروفة تتكرر أسمائها كلما ارتفع ترددها الى الضعف .

** وقديما انفردت كل منطقة في العالم باتخاذ نغمات مألوفة باعتبارها حروفا أساسية ، واتخاذ طريقة لتدوين الموسيقى  
** ولكن حديثا نجح الموسيقيون في الاتفاق على لغة واحدة عالمية في تدوين الموسيقى، واتفقوا على أن ابجدياتها هي السبعة حروف المعروفة وتكراراتها من العالي الى المنخفض،وعلامات الأزمنة التي تتدرج من الروند الى البلانش الى النوار ثم الكروش والدبل كروش والتربل .......الى جانب علامات السكتات ، والمرجعات وغير ذلك . والموسيقى هي أداء انساني ولا يوجد انسان لا يستخدم الموسيقى ـ حيث أن الكلام العادي يتدرج في نغماته تبعا لقواعد موسيقية . ولكي تصح التربية لابد من العمل على  ترويض وتهذيب وتنظيم كل حواس الانسان بما فيها حاسة السمع))

** وأثناء التدريب العملي أقوم بالدق على نغمة واحدة بالاكسيلوفون لكي أعرفهم أن الدق على نغمة واحدة باستمرار يؤدي إلى الملل ، بينما تغير النغمات سوف يصحبه حالة من الارتياح ، وأطلب منهم أن يفعلوا ذلك أمام الأطفال لكي يعلموهم قيمة الغناء وعدم الصياح .
** ثم تطورت اهتماماتي الموسيقية حتى بدأت اقدم بوستات على الفيس بوك بمعزوفاتي وغنائي وشجعني على ذلك ابنتي داليا

** كما ازداد الاهتمام بحضور الحفلات الموسيقية مع الأسرة ، وفي الرحلات الأسرية السنوية خلال اجازة نصف السنة حرصت على حضور حفلات الأوبرا خلال الليالي التي نبيتها هناك في القاهرة   .

** كما كنا نحرص على الذهاب الى محلات الموسيقى بشارع محمد علي  لشراء بعض المستلزمات ومنها كانت آلة ضبط أو أو آلة ريكورد او اكسيلوفون أو مندولين

** وأذكر ذات يوم ذهبنا الى مسجد السيدة زينب وكان به انشاد ديني أعجبني منه أغنية ( قمر سيدنا النبي قمر) وشعرت أن هذه الاغنية متميزة عن غيرها وتبادلت الحديث في هذا اليوم  مع ابنتي داليا عن هذه الاغنية ، وأنها رغم لحنها الجميل فإن كلماتها لا تليق بشخصية الرسول ومالها من الصفات التي تفوق كل الصفات الشكلية والمادية 
** فعلى سبيل المثال اذا مدحت أحد العلماء في مجال الطب او الهندسة فليس من المعقول وليس من اللياقة أن أمدحه على شكله وجماله وطلعته البهية .

** وأكرر لمرة أخرى أنني رغم كل الانشطة التي حكيتها  فإنني لا اعتبر نفسي موهوبا موسيقيا  ، وانما كنت محبا للعمل في هذا المجال  ومحبا للموسيقى كعلم هام له قواعد وأساسيات  لابد للانسان ان يتعرف عليها لكي يستعين بها في التقييم الجيد والتمييز بين الجيد و الرديء في الغناء وفي التحدث أيضا  فالموسيقى يمكن ان تجدها في الالقاء والخطابة والاحاديث العادية وأصوات الأذان والقراءة الجيدة  للقرآن الكريم

وكنت اعتبر الموسيقى  علم يعتمد على النظام والدقة في تحقيق التآلف بين القوي والضعيف ، الكبير والصغير ،......

** وكثيرا ما كنت استشهد بنجاح الرئيس السادات في الاقناع بالخطابة لأنه كان يستخدم نغمات مختلفة في حديثه وخاصة في كلمته (. لقد قاتلنا وأمامنا قتال شديد ولكن سلاحنا وقتالنا لم يكن سلاح الغدر والعدوان وانما هو سلاح الحق والحرية ) وكذلك نجاح محمد لطيف في التعليق الرياضي ، رغم ان كلاهما لم يكن له صوت جميل تطرب له الأسماع وانما صوت مقتع يعتمد على قواعد موسيقية

** كما كنت أضرب الأمثال بالمقرئين والمؤذنين الذين يتبعون ايضا قواعد موسيقية في أدائهم .